|
بسم الله الرحمن الرحيم
باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ
قال تعالى : (( واخفض جناحك للمؤمنين )) [ الحجر : 88 ] . وقال تعالى : (( ولو كنت فظّا غليظ القلب لانفضوا من حولك )) [ آل عمران : 159 ] .
ــ عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اتقوا النار ولو بشق تمرة ، فمن لم يجد فبكلمة طيبة " . متفق عليه .
ــ وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والكلمة الطيبة صدقة " . متفق عليه . وهو بعض حديث تقدم بطوله .
ــ وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تحقرن من المعروف شيئا ، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق " . رواه مسلم .
الشرح :
قال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ :
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ ( باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء )
يعني : إذا لقي الإنسان أخاه ، فإنه ينبغي له أن يلاقيه بالبشر وطلاقة الوجه وحسن المنطق ، لأن هذا من خُلق النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يعد هذا تنزلا من الإنسان ، ولكنه رفعة وأجر له عند الله عزوجل ، واتباع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان دائم البشر ، كثير التبسم صلوات الله وسلامه عليه .
فالإنسان ينبغي له أن يلقى أخاه بوجه طلق ، وبكلمة طيبة ، لينال بذلك الأجر والمحبة والألفة ، والبعد عن التكبر والترفع على عباد الله .
ثم ذكر المؤلف آيات منها : قوله تعالى : (( واخفض جناحك للمؤمنين )) اخفض جناحك : يعني لِنْ وتواضع للمؤمنين ، لأن المؤمن أهل لأن يتواضع له .
أما الكفار فقد قال الله تعالى : (( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير )) [ التوبة : 73 ] . فالذي يُتلقى بالبشر وطلاقة الوجه هو المؤمن ، أما الكافر فإن كان يرجى إسلامه إذا عاملناه بطلاقة الوجه والبشر ، فإننا نعامله بذلك رجاء إسلامه وانتفاعه بهذا اللقاء .
وأما إذا كان هذا التواضع وطلاقة الوجه لا يزيده إلا تعاليا على المسلم وترفعا عليه ، فإنه لا يقابل بذلك .
ثم إن طلاقة الوجه توجب سرور صاحبك ، لأنه يُفرق بين شخص يلقاك بوجه معبس وشخص يلقاك بوجه منطلق ، لهذا قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأبي ذر :" لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق " ؛ فهذا من المعروف لأنه يدخل السرور على أخيك ، ويشرح صدره .
ثم إذا قرن ذلك بالكلمة الطيبة حصل بذلك مصلحتان : طلاقة الوجه والكلمة الطيبة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم :" اتقوا النار ولو بشق تمرة " يعني اجعلوا بينكم وبين النار وقاية " ولو بشق تمرة " يعني : ولو أن تصدقوا بنصف تمرة ، فإن ذلك يقيكم من النار إذا قبلها الله عزوجل .
" فإن لم يجد فبكلمة طيبة " ، كلمة طيبة مثل أن تقول له : كيف أنت ؟ كيف حالك ؟ كيف إخوانك ؟ كيف أهلك ؟ وما أشبه ذلك ، لأن هذه من الكلمات الطيبة التي تدخل السرور على صاحبك ، كل كلمة طيبة فهي صدقة لك عند الله وأجر وثواب وقد قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" البر حسن الخلق " ، وقال : " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا " .
المصدر :
رياض الصالحين للإمام النووي ـ رحمه الله ـ
الشرح لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ [ ج 2 ص 352 ] .
كمال زيادى